کد مطلب:281458 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:204

السعادة فی ظل العدالة الشاملة
بماذا تتحقق السعادة؟ هل تتحقق السعادة للأمة، بالثروة والمال، أم بالأمن والرفاه، أم بالعدالة والتطور والكمال؟

من الواضح إن السعادة لا تتحقق لأی فرد أو أمّة بالمال والثروة ولا بالصحة والعافیة فقط، ولا حتی بالأمن والرخاء وحسب، نعم لا تتحقق السعادة عبر كل تلك المفردات وإن كانت من الجوانب والوجوه المعبرة عنها، فهذه الجوانب الجزئیة تعتبر نتائج مرتبطة كلیاً بتحقیق هدف أساسی یسبق كل هذه الوجوه بل لا یمكن تحقیقها بشكل عام وشامل لجمیع طبقات المجتمع من دون قیام هذا الركن الأساسی الذی یحقق السعادة الحقیقیة الكاملة، ألا وهو العدالة الشاملة.

فالسعادة حقیقة لا یمكن الوصول إلیها إلاّ بالعدالة الشاملة الكاملة مع التطلع نحو التقدم والكمال وذلك لأن تحقیق العدالة الشاملة یوجب الأمن والاستقرار فی المجتمع، وبها توزع الثروات والمقدرات بشكل متساوٍ بین الناس مما یؤدی إلی الوفرة المالیة والأمن الاقتصادی والاجتماعی والغنی المطلوب لجمیع الطبقات، وبذلك یتحقق جانب أساسی من وجوه السعادة وبواسطتها یتحقق الرفاه والرخاء فی المجتمع.

ولكن السؤال المهم هو: ما هی العدالة؟ هل العدالة أجراء الحدود بصرامتها علی المتجاوزین علی الفقراء والمساكین، أم العدالة إجراء الحدود علی الجمیع من دون تمییز وتطبیق الأحكام والشرع علی أفراد المجتمع علی حد سواء، وإعطاء الحقوق للناس وفرض الواجبات من دون تمییز بین الضعیف والقوی والغنی والفقیر ودون تمییز طبقی أو عرقی؟...

فی الحقیقة إن العدالة حقیقة تتكامل بجمیع أبعادها حینما تتحقق فی المجتمع علی أرض الواقع بما تحمل فی طیاتها من معان.

وهنا نتساءل: هل تحققت هذه العدالة المتكاملة الشاملة فی المجتمعات البشریة فی العصر الراهن؟ وهل استطاع أحد أو فئة أو دولة أن تطبقها فی أمة من الأمم؟ أن الجواب یأتیك بسرعة بالنفی قطعاً. إذن متی تتحققت هذه العدالة؟ فهل هی أمنیة یتغنی بها المستضعفون فی الأرض دون إمكانیة الحصول علیها، أم أنها ستتحقق فعلاً فی المجتمعات البشریة، ولكن متی؟.

إن العدالة الشاملة لا یمكن لأحد أن یقوم بتطبیقها من دون الهدایة الإلهیة المباشرة، لأن تطبیقها تستلزم التجرد من الهوی والشهوات النفسیة والترفع عن الروابط العائلیة والعشائریة والقومیة فلا تأخذه هوی المحبة علی أن یحكم لصالح قرابته أو عشیرته أو جماعته إنما الحق والعدل یكونان أساس حكومته وهذا لا یكون إلا باصطفاء إلهی لشخصیة ربانیة حتی تتحقق العدالة الشاملة علی یده، وقد وَعَدَ الله تعالی البشریة بتحقق هذه العدالة عبر أعظم شخصیة ربانیة مصطفاة ألا وهو الإمام المهدی عجل الله فرجه حیث إن هذه العدالة ستتحقق بكامل أبعادها المختلفة فی عهد حكومته المثالیة التی بشر بها الله سبحانه الأنبیاء والمرسلین فی العصور الغابرة.

وستحقق هذه العدالة الرفاهیة والخیر للجمیع وتریح بالهم وتوفر لهم الأمن الروحی قبل الأمن الاجتماعی، وهذه العدالة الشاملة أصلها ثابت فی الشریعة الإسلامیة وفروعها تظلل علی رؤوس البشریة كلها دون تمییز بین الأفراد أو المجتمعات ولا تقتصر فی أجرائها علی القضایا الجزئیة أو علی نطاق محدود بل ستكون فی جمیع المجالات وعلی كل الأصعدة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة...، ولجمیع القومیات والطوائف وأتباع الأدیان المختلفة، ولن تستثنی فرداً أو جماعة وما شابه علی أسس طبقیة أو عرقیة وغیر ذلك من المسمیات الجاهلیة الظالمة التی تسود المجتمعات البشریة الیوم.

فالعدالة فی زمن الإمام المهدی علیه السلام كالهواء الطلق الذی یدخل كل رئة وكالحر والبرد اللذان یدخلان كل دار، كذلك تدخل عدالة الإمام المهدی(عج) فی كل بیت فلا یستثنی أحداً ولن یفلت منها أحد، هذا ما أوضحته الأحادیث الشریفة التی نسردها لاحقاً بإذن الله.

من هنا یتضح أن العدالة حقیقة متكاملة لا یمكن تجزئتها، كما لا یمكن اختصاصها أو حكرها علی أمة أو طائفة دون أخری، إذ أن العدالة بالمفهوم الضیق الذی عرفه البعض لا یُوفر الأمن والرفاه والسعادة للمجتمعات البشریة وأكبر دلیل علی ذلك ما نشاهده فی عصرنا الحاضر من الظلم والفساد بل العدالة بكامل أبعادها هی التی تتضمن المعانی الإنسانیة العلیا التی توصل البشریة إلی شواطئ الأمن والاستقرار والرفاهیة والتقدم والكمال... وتلك هی السعادة الحقیقیة التامة. ولكن كیف یمكن تحقیق ذلك؟ فی الوقت الذی لا تجد أذناً صاغیة للحق ولا عقولاً متفهمة للعدل، فهل یخترع الإمام أسلوباً یغیر المقاییس ویبدَّل النفوس ویصلح العقول لكی تتهیأ وتستجیب لهذه الدعوة الربانیة وتستقبل هذه العدالة الشاملة؟ أجل إن الأسلوب الذی یستخدمه الإمام فی أول عملیة إصلاحیة هی أن یضع یده علی رؤوس الناس فتكتمل عقولهم. بمعنی إن هذه العدالة الفریدة لا یمكن إجرائها إذا لم تتكامل العقول البشریة لتستوعب متطلبات وموجبات هذه العدالة وضرورتها، ولعل الأحادیث الشریفة التی تشیر إلی هذا الأمر تعنی أنه حینما یضع الإمام علیه السلام یده علی عقول الناس فإنها تتكامل وتستجیب لنداء الحق والعدل وتتسارع فی الخیرات وتجابه الشر والمنكرات فتحیی فی رفاهیة من العیش والأمن والسلام والسعادة، یقول الإمام علیه السلام فی ذلك: - إذا قام قائمنا وضع الله یده علی رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم-.

وهذه العبارة (بوضع الید علی الرؤوس) بیان عن السیطرة والسیادة والقدرة علی الهدایة والإرشاد بحیث تكون كلماته وتوجیهاته علیه السلام لها أكبر الأثر فی تغییر النفوس وترقیة العقول نحو التقدم والكمال فی جمیع المیادین یضحی الایمان والعدالة أمنیة كل إنسان وهمة كل فرد.

وفیما یلی نستعرض جانباً من الروایات المُبشرِة بجنة العدالة الربانیة التی ستعم الكرة الأرضیة علی ید الإمام المهدی بإذن الله تعالی.

1- فقد أكد الرسول الأكرم هذه الحقیقة حینما قال: - بنا فتح الأمر وبنا یختم، وبنا استنقذ الله الناس فی أول الزمان، وبنا یكون العدل فی آخر الزمان-.

2- كما وشدّد الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام توكید هذه الحقیقة مقسماً بلفظ الجلالة: - والله لیدخلن عدل المهدی جوف بیوت مقاتلیه كما یدخل الحرّ والقرّ- وفی روایة أخری -... أما والله لیدخلن علیهم عدله جوف بیوتهم كما یدخل الحرّ والقرّ-.

3- وفی تأكید آخر قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: - یخرج رجل من أمتی یواطئ اسمه اسمی وخلقه خلقی فیملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً-.

ولكی یكون ملكه وعدله شاملاً للبشریة جمعاء یرسل الله ملائكة مسومین فی دعم الإمام القائم عجل الله فرجه لتثبیت أركان حكومته العالمیة وبث العدل والرخاء فی ربوع الكرة الأرضیة.

4- عن الإمام الحسن علیه السلام: -... حتی یبعث الله رجلاً فی آخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من الناس، یؤیده الله بملائكته ویعصم أنصاره وینصره بآیاته ویظهره علی الأرض حتی یدینوا طوعاً وكرهاً، یملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، یدین له عرض البلاد وطولها لا یبقی كافر إلاّ آمن به ولا طالح إلاّ صلح، وتصطلح فی ملكه السباع وتخرج الأرض نبتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز...-.

5- وعن الإمام الباقر علیه السلام -... إذا قام قائمنا فانه یقسم بالسویة ویعدل فی خلق الرحمن البرّ منهم والفاجر فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصی الله...-.

6- عن الإمام الصادق علیه السلام: - أما أن قائمنا لو قد قام لقد أخذ بنی شیبة وقطع أیدیهم وطاف بهم وقال: هؤلاء سراق الله...- وفی روایة أخری - القائم یهدم المسجد الحرام حتی یرده إلی أساسه ومسجد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم إلی أساسه ویرد البیت إلی موضعه وأقامه علی أساسه وقطع أیدی بنی شیبة السراق وعلقها علی الكعبة-.

6- وعنه أیضاً علیه السلام، وقد سئل یوماً عن المساجد المظللة، أتكره الصلاة فیها؟ فقال: - نعم ولكن لا تضركم الصلاة فیها ولو قد كان العدل لرأیتم كیف یصنع فی ذلك، إذا نزل القائم الكوفة أمر بهدم المساجد الأربعة (الكوفة والسهلة وصعصعة وزید) حتی یبلغ أساسها ویصیرها عریشاً كعریش موسی وتكون المساجد كلها جمّاء ولا شُرف لها كما كان علی عهدالرسول صلی الله علیه و آله و سلم ویوسع الطریق الأعظم (أی الطرقات العامة) ویهدم كل مسجد علی الطریق! ویكسر كل جناح (أی شرفة) ویسد كل كوّة (أی نافذة) إلی الطریق (لأنها تهتك ستر بیوت الجیران).. ویهدم كل جناح وكیفٍ ومیزاب إلی الطریق...-.

8- وعن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - یبلغ من ردّ المهدی المظالم حتی لو كانت تحت ضرس إنسان شیء أنتزعه حتی یردّه-.

بمثل هذه الإجراءات الصارمة تجری تطبیق العدالة التی لا تتساهل ولا تتغافل عن التجاوزات والمظالم مهما صغرت، وعلی كل فرد من كان ورائها من الجهات والشخصیات حیث ستأخذه ید العدالة أخذ عزیز مقتدر وتقطع تلك الأیادی السارقة دون مبالاة بمكانتها الاجتماعیة والسیاسیة. فالعدالة فوق الجمیع وستجری بشكل كامل ومتساوٍ علی الجمیع وفی كل مكان. فالإمام القائم عجل الله فرجه یمضی قدماً فی إجراء العدالة وتحقیق الأمن والسلامة لكل أفراد المجتمع،حیث لا یعطی للمیول والأهواء مجالاً فی حكومته بحیث یعطف الهوی علی موازین الحق والهدی ویضرب بید من حدید علی كل من یقف فی طریقه یرید الدفاع عن أهوائه وآرائه، حتی لو أقام أمثال هؤلاء الحرب علیه عجل الله فرجه فهو لا یتراجع عن واجباته وأهدافه المقدسة، بل یقوم كما قال أمیر المؤمنین علیه السلام: - یعطف الهوی علی الهدی إذا عطفوا الهدی علی الهوی، ویعطف الرأی علی القرآن إذا عطفوا القرآن علی الرأی... حتی تقوم الحرب بكم علی ساق، بادیاً نواجذها مملؤة أخلافها حلواً رضاعها علقماً عاقبتها، ألا وفی غد-وسیأتی غد بما لا تعرفون- یأخذ الوالی من غیرها عمّالها علی مساوئ أعمالها وتخرج له الأرض أفالیذ كبدها وتلقی إلیه سلماً مقالیدها فیریكم كیف عدل السیرة ویحیی میّت الكتاب والسنّة-.

9- وسُئل الإمام الباقر علیه السلام: عن القائم عجل الله فرجه إذا قام بأی سیرة یسیر فی الناس؟ فقال: - بسیرة ما سار به رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم حتی یظهر الإسلام. قال الراوی: وما كانت سیرة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم؟ قال: أبطل ما كان فی الجاهلیة واستقبل الناس بالعدل، وكذلك القائم علیه السلام إذا قام یبطل ما كان فی الهدنة مما كان فی أیدی الناس ویستقبل بهم العدل-.

10- وعن أمیر المؤمنین علیه السلام: -... یخرج فی آخر الزمان یقیم اعوجاج الحق....

ولعل من مصادیق استقبال الناس للعدل سواء فی الجاهلیة الأولی، أو الجاهلیة الحدیثة (فترة الهدنة) كما یقول الحدیث، محاربة الطبقیة التی ابتلیت بها المجتمعات قدیماً وحدیثاً، فالإقطاعیون المحتكرون وحواشیهم من المتنفذین الطبقیین لن یكون لهم دور أو نفوذ عند قیام الإمام المهدی عجل الله فرجه، بل سیقضی علی الطبقیات القائمة علی الظلم، مثلما فعل جده الرسول الأكرم وجده أمیر المؤمنین صلوات الله وسلامه علیهما حیث حرّما ومنعا تلك الممارسات الجاهلیة الظالمة وهكذا سیفعل سلیلهما العظیم الإمام القائم عجل الله فرجه.

11- عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع-.

وهكذا تطال العدالة جمیع أوجه الحیاة ودقائقها، فی محاربة الظلم وتجاوزات المتكبرین والمتنفذین، ومتبعی الأهواء والآراء الباطلة، وشیوع الباطل وعدم المساواة، والطبقیات... وما إلی ذلك من أحكام وتصرفات الجاهلیة الظالمة. وتتسع ید العدالة لتشمل أیضاً القضاء والأحكام والعلوم وانتشارها الواسع فی المجتمع، حتی أن الإمام القائم عجل الله فرجه یقضی دون الحاجة إلی بینة، أو یمین فالحقائق والخفایا ظاهرة عنده ولا یحتاج إلی شهود وأدلة خارجیة، بل الأمور مكشوفة لدیه من قبل الله تعالی، فیحكم بحكم داود، لما أعطی من الإذن الإلهی له لتحقیق العدالة الكاملة لیبین الله بذلك للناس أن العدالة الشاملة لا یستطیع أحد من البشر تحقیقها إلاّ بإذنه سبحانه عبر شخصیة ربانیة عظیمة كالإمام المهدی علیه السلام.

بل الإمام عجل الله فرجه یحكم بین أهل الأدیان حكم الحق والعدل كل حسب دینه وكتابه، وهذا ربما لیبین لهم الحق فیما اختلفوا فیه بعد ما جاءتهم البینات من ربهم عبر رسلهم وكتبهم، أمّا المحصلة النهائیة فإن الجمیع یدینون بالإسلام والإقرار بنبوة الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم وإمامة الأئمة الأطهار علیهما السلام... وتتسع دائرة العدل والعلم إلی درجة أن المرأة لتقضی بكتاب الله وهی فی بیتها.

12- عن الإمام الباقر علیه السلام: -... ویستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بأنطاكیة ویحكم بین أهل التوراة بالتوراة وبین أهل الإنجیل بالإنجیل وبین أهل الزبور بالزبور وبین أهل القرآن بالقرآن-.

13- عن الإمام الصادق علیه السلام: - إذا قام قائم آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم حكم بین الناس بحكم داود علیه السلام لا یحتاج إلی بیّنة-.

14- عن الإمام الباقر علیه السلام: -... یعمل بكتاب الله، لا یری فیكم منكراً إلاّ أنكره-.

15- وعنه أیضاً علیه السلام: -... فیوحی الله إلیه فیعمل بأمر الله-.

16- وعن الإمام الصادق علیه السلام قال: - دَمَان فی الإسلام حلال من الله لا یقضی فیهما أحد حتی یبعث الله قائمنا أهل البیت فإذا بعث الله عز وجل قائمنا أهل البیت حكم فیهما بحكم الله لا یرید علیهما بینّة؛ الزانی المحصن یرجمه ومانع الزكاة یضرب عنقه-.

17- وقال علیه السلام: - إذا قام قائم آل محمد علیه السلام حكم بحكم داود لا یحتاج إلی بینّة، یلهمه الله تعالی فیحكم بعلمه ویخبر كل قوم بما استبطنوه ویعرف ولیّه من عدوه بالتوسم، قال الله سبحانه: (إِنَّ فِی ذَلِكَ لآیاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِینَ - وَإِنَّهَا لَبِسَبِیلٍ مُقِیمٍ) (الحجر:75-76)..

وعن دقة قضائه وغایة عدله جاء فی الحدیث إن الإمام القائم عجل الله فرجه ینادی منادیه: - أن یسلم صاحب النافلة لصاحب الفریضة الحجر الأسود والطواف-.

وذلك هو الغایة فی احترام وتطبیق أوامر وأحكام الشرع، والاهتمام بشؤون وحقوق الناس، حیث یقدم من یؤدی حجة الإسلام الواجبة علی من یحج استحباباً وتقرباً إلی الله تعالی.

18- وعن الإمام الباقر علیه السلام: -... وتؤتون الحكمة فی زمانه حتی أن المرأة لتقضی فی بیتها بكتاب الله تعالی وسنة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم -.

19- وعنه أیضاً علیه السلام: - إذا قام القائم بعث فی أقالیم الأرض فی كل إقلیم رجلاً یقول: عهدك فی كفك فإذا ورد علیك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فیه فانظر إلی كفك واعمل بما فیها..-.

20- عن الإمام الحسین علیه السلام: - یُظهر الله قائمنا فینتقم من الظالمین...-.

21- عن الإمام الباقر علیه السلام: - یهدم ما كان قبله كما صنع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، ویستأنف الإسلام جدیداً-.

هذا جانب من قضائه وأحكامه وشدته علی الأعداء والظالمین، أمّا نتائج سیرته وعدله، عجل الله فرجه، فهی الرفاهیة والأمن والسعادة التی قل نظیرها فی الدنیا، والبركات العظیمة التی تنزلها السماء وتظهرها الأرض للعباد فی أیام حكومته المباركة، وكما أشارت الأحادیث الشریفة عن ذلك حیث (تزید المیاه فی دولته وتمد الأنهار وتضاعف الأرض أكلها لا تدخر شیئاً، وتذهب الشحناء من القلوب ویذهب الشر، ویبقی الخیر)، فهل هناك نعیم وراحة أكبر من هذا؟ وهل هناك جنة أبهی من جنة المحبة والوفاق؟

طبعاً لا یحدث هذا إلاّ بعد أن یقضی الإمام علیه السلام علی كل فتنة وفساد فیؤلف بین القلوب بعد عداوة الفتنة والضلال، فهو عجل الله فرجه كما یقول الحدیث - المهدی محبوب فی الخلائق یطفئ الله به الفتن الصماء-. كیف لا وهو یؤدی الحقوق إلی أصحابها مهما دقت ومهما بلغت، وكما جاء فی الأخبار - أول ما یبتدئ المهدی علیه السلام أن ینادی فی جمیع العالم: ألا من له عند أحد من شیعتنا دین فلیذكره، حتی یرد الثومة والخردلة، فضلاً عن القناطیر المقنطرة من الذهب والفضة والأملاك فیوفیه إیاه-.

وبذلك یعم الأمن والسلام وتأمن الطرق والبلدان، وبذلك تحدّثت الروایات الشریفة: - حتی تمشی المرأة بین العراق والشام لا تضع قدمیها إلاّ علی نبات وعلی رأسها زنبیلها لا یهیجها سبع ولا تخافه- وتأمن به الأرض حتی أن المرأة لتحج فی خمس نسوة ما معهن رجل، لا یتقین شیئاً.

ولمعرفة مدی السعادة التی ینعم بها الناس، والرخاء والنعمة، فی عصر إمام العدل والحق عجل الله فرجه، وفی ظل حكومته الربانیة العادلة، یكفی أن نلقی نظرة علی جانب من أحادیث أهل البیت علیهما السلام التی بشرت بذلك النعیم وتلك السعادة، وفیما یلی بعض من تلك الأحادیث الشریفة:

1- عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - تنعم أمتی فی زمن المهدی نعمة لم ینعموا مثلها قط، ترسل السماء علیهم مدراراً ولا تدع الأرض شیئاً من النبات إلاّ أخرجته، والمال كدوس، یقوم الرجل فیقول: یا مهدی أعطنی، فیقول: خذ-.

2- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - یتمنی فی زمن المهدی، الصغیر أن یكون كبیراً، والكبیر أن یكون صغیراً-. وذلك لكی یلتذّ ویستفید من كل هذا النعیم الربانی أكثر فأكثر.

3- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - یرضی عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطرها شیئاً إلاّ صبته مدراراً، ولا تدع الأرض من مائها شیئاً إلاّ أخرجته، حتی یتمنی الأحیاء الأموات-. بالخروج من مراقدهم لیتنعموا بما یشاهدونه من الرفاهیة والسعادة.

4- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: -... فیملأ الأرض عدلاً كما ملأها من كان قبله جوراً، وتخرج له الأرض أفلاذ كبدها ویحثوا المال حثواً ولا یعده عدّاً...-.

5- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - إذا خرج المهدی ألقی الله تعالی الغنی فی قلوب العباد حتی یقول المهدی: من یرید المال؟ فلا یأتیه أحد إلاّ واحد یقول أنا فیقول: أحث، فیحثی، فیحمل علی ظهره، حتی إذا أتی اقصی الناس قال: ألا أرانی شر من ها هنا، فیرجع فیرده إلیه، فیقول: خذ مالك لا حاجة لی فیه-.

6- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - تصدقوا فإنه یوشك أن یخرج الرجل بصدقته فلا یجد من یقبلها-.

7- وعنه أیضاً صلی الله علیه و آله و سلم: - علامة المهدی أن یكون شدیداً علی العمال جواداً بالمال رحیماً بالمساكین-.

8- عن الإمام الباقر علیه السلام: -... إذا قام قائم أهل البیت قسم بالسویة وعدل فی الرعیة فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصی الله... وتجمع إلیه أموال الدنیا من بطن الأرض وظهرها فیقول للناس: تعالوا إلی ما قطعتم فیه الأرحام وسفكتم فیه الدماء الحرام وركبتم فیه ما حرّم الله عز وجل، فیعطی شیئاً لم یعطه أحد كان قبله ویملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً كما ملئت ظلماً وجوراً وشراً-.

9- وعن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - المهدی كأنما یلعق المساكین الزبد- بیان عن مدی الخیر والرفاهیة التی تعم البشریة وبالأخص الفقراء والمساكین.

10- عن الإمام الصادق علیه السلام: -...سبحان الله أما تحبون أن یظهر الله تبارك وتعالی الحق والعدل فی البلاد ویجمع الله الكلمة ویؤلف الله بین قلوب مختلفة ولا یعصون الله عز وجل فی أرضه وتقام حدوده فی خلقه ویرد الله الحق إلی أهله...-.

11- عن الإمام الحسن علیه السلام: -... یملؤ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، یدین له عرض البلاد وطولها لا یبقی كافر إلاّ آمن به وطالح إلاّ صلح، وتصطلح فی ملكه السباع وتخرج الأرض نبتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز...-.

ولا تقتصر النعمة والسعادة فی ظل حكم الإمام المهدی علیه السلام علی كثرة الأموال والخیرات والنعم المادیة فقط، بل تشمل جمیع مناحی الحیاة المادیة والمعنویة أیضاً، فلا رعب یبقی فی القلوب، ولا الأمراض تنهش فی الأبدان حیث تذهب العاهات عن المؤمنین، ویدفع الله تعالی بالمهدی عجل الله فرجه البلایا عن العباد والبلاد، وتكمل عقولهم ویستتب الأمن والسلام والراحة فی المجتمعات لكل الخلائق ولیس للبشر وحسب.

12- عن الإمام السجاد علیه السلام: - إذا قام القائم اذهب الله عن كل مؤمن العاهة وردّ إلیه قوته-.

13- عن الإمام الباقر علیه السلام: - إن الله تعالی یلقی فی قلوب شیعتنا الرعب، فإذا قام قائمنا وظهر مهدیّنا كان الرجل أجرأ من لیث وأمضی من سنان-.

14- وعنه أیضاً علیه السلام: -... فله نور یری به الأشیاء من بعید كما یری من قریب ویسمع من بعید كما یسمع من قریب وأنه یسیح فی الدنیا كلها... فیدفع البلایا عن العباد والبلاد شرقاً وغرباً-.

وهكذا یعم السلام وتشمل السعادة والطمأنینة الجمیع بعد كفاح شاق، وجهاد مریر وجهود مضنیة یبذلها الإمام علیه السلام وأصحابه وأعوانه المخلصون، ویتم تثبیت أركان الحكم فی ظل عدالة القیادة الربانیة للإمام المهدی علیه السلام، وعن ذلك یقول الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - تأوی إلیه أمته كما تأوی النحلة (إلی) یعسوبها، یملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، حتی یكون الناس علی مثل أمرهم الأول، لا یوقظ نائماً ولا یهرق دماً-.

ولا عجب فی ذلك، فالإمام المهدی علیه السلام قائد العدالة الشاملة التی طالما انتظرتها البشریة جمعاء علی مرّ العصور والأزمان، وهذا فعل الحق والعدالة فی الحیاة إذا ما طبقت كما أرادها الله سبحانه، والإسلام هو دین المحبة وقمة العدالة، والإمام المهدی علیه السلام رائد العدالة وسلطانها الرّبانی وحارسها الذی لا یغفل ولا یجور.

عن أمیر المؤمنین علیه السلام قال: - الإسلام والسلطان العادل أخوان لا یصلح وأحد منهما إلاّ بصاحبه، الإسلام أُس، والسلطان العادل حارس، وما لا أُس له فمنهدم وما لا حارس له فضایع..-

فالشریعة الإسلامیة هی دستور لحفظ الأمة من الانحراف عن جادة الحق والعدل وحفظها من السقوط فی مستنقع الكفر والشرك، وأهل البیت علیهما السلام هم أمناء الله فی الأرض علی رسالته، فإذا استلم السلطة المهدی من آل محمد عجل الله فرجه كانت النتیجة واضحة ألا وهی السعادة الشاملة لكل الناس والأمن والخیرات فی الأرجاء، فهل هناك سعادة وأمن وعدالة أفضل من حكومة الحق والعدل؟